تمثل التقنيات الحراريه
الركيزة الأساسيه الحاليه لإنتاج الكهرباء. هذا الوضع هو نتيجة لخصائص متميزة
لمنظومة الإنتاج الحراري. وقد عمل الباحثون على تطوير مكونات المنظومة للتمكن من
استعمال المصادرالطاقية المتجددة(Renewable energy sources). في هذه الموضوع نقدم نظرة عن تطور التقنيات
الحرارية الشمسية(Thermal Solar Energy Techniques) لإنتاج الكهرباء:
- محطات الطاقة الشمسية الحرارية(Thermal Solar Energy plants) بالمرايا ذات المحور البؤري.
- صوامع الطاقة الشمسية بالمرايا ذات المركز البؤري
لقد جعلت مميزات الكهرباء,
التي لم يكن لها أي
موقع يذكر بين حوامل الطاقة الثانوية المستعملة عند نهاية القرن التاسع عشر, دورها في استهلاك
الطاقة الأولية يصل نهاية القرن الواحد والعشرون على المستوى العالمي إلى أزيد من 30
% وبعدد من الدول
الصناعية إلى ما يقرب من 40 %. وتمثل التقنيات
الحرارية الركيزة الأساسية الحالية لإنتاج الكهرباء. هذا الوضع هو نتيجة لخصانص
متميزة لمنظومة الإنتاج الحراري. فكما يتضح من الشكل رقم1 الذي يقدم توزيع إنتاج
الكهرباء حسب المصادر الطاقية الأولية المستعملة سنة 2002، فإن أغلب هذه المصادر يقع تحويلها
إلى كهرباء عبر تحويل أولي إلى حرارة، وهو ما يهم المصادر الأولية كالفحم والغاز
والطاقة النووية وجزءا من المصادر الأخرى، هكذا يصل دور المحطات
التي تعتمد على هذا التسلسل عند إنتاج الكهرباء إلى أزيد من 83% من مجموع منظومة إنتاج الكهرباء. باعتبار أن الطاقة الشمسية، أهم المصادر الطاقية المستقبلية، مصدر طاقي مرتبط بالموقع، وأن مردود تحويلها إلى
حرارة يمكن أن يفوق90 %
وكذلك
السهولة النسبية والسرعة الفائقة لنقل الكهرباء عبر
المسافات الطويلة فقد عمل الباحثون على تطوير تجهيزات تمكن من استعمال الطاقة الشمسية في منظومة الإنتاج الحراري للكهرباء.
مكونات المحطات الحرارية العادية
كما يظهر من
الرسم المبسط فإن المحطات الحرارية تتكون من ثلاثة مجموىت من التجهيزات، تجهيزات التحويل والتي يقع بها تحويل الطاقة الكيماوية أو النووية المختزنة بالحوامل الأولية إلى حرارة، ثم تحويل هذه الأخيرة باستعمال عدد
من التقنيات إلى كهرباء توزع عبر الشبكة، تجهيزات معالجة وتصريف النفايات الصلبة والسائلة والغازية الناتجة عن التحولات الكيماوية أو الفيزيائية التي خضع لها المصدر الطاقي الأولي،أجهزة التبريد التي تقوم بالتخلص من النفاية الطاقية، والتي تتمثل في
الحرارة المنخفضة المستوى.
مكونات محطات الطاقة الشمسية الحرارية(Thermal Solar Energy plants).
محطات الطاقة الشمسية
الحرارية نوعان، محطات تعمل فقط بالطاقة الشمسية ومحطات مزدوجة، أي تعمل بالطاقة الشمسية لكنها يمكن أن تعمل أيضا بمصدر طاقي إضافي. المصدر الطاقي الإضافي
المستعمل حاليا هو الغاز الطبيعي. تحتوي كل المحطات الحرارية الشمسية على تجهيزات
استقبال وتركيز الإشعاع الشمسي(Solar Collector) ثم تحويله إلى حرارة. كما تشتمل هذه المحطات كذلك على
التجهيزات التي تمكن من تحويل هذه الحرارة إلى طاقة معبأة بغاز حار مرتفع الضغط.
بعض المحطات الحرارية الشمسية تحتوي على تجهيزات لتخزين الطاقة الحرارية. هذه التجهيزات تمكن من تحكم
نسبي في مستوى إنتاج الكهرباء وكذلك تمكن من تحسين مستوى استقرار خصانص التيار
الكهربائي.
لا توجد بالمحطات، التي تعمل بالطاقة الشمسية فقط، تجهيزات معالجة الغازات الناتجة عن المحارق، لكن توجد بها تجهيزات
معالجة المياه المستعملة لإنتاج
البخار وكذلك تجهيزات معالجة المياه المستعملة للتبريد. أما المحطات الشمسية المزدوجة، فهي محطات حرارية عادية
تحتوى على تجهيزات المحطات الحرارية العادية وكذلك تجهيزات إضافية لاستقبال
ولتركيز الإشعاع الشمسي ثم لتحويله إلى حرارة.
يقدم الرسم 3بتبسيط مكونات محطة حرارية شمسية مزدوجة ذات مرايا
مقعرة بمحور بؤري.
محطات الطاقة الشمسية الحرارية بالمرايا ذات المحور البؤري
تستعمل هذه التقنية مرايا مقعرة ذات محور بؤري.
يوجد على هذا المحور أنبوب أسود يمتص الأشعة ويحولها إلى طاقة حرارية (بالصورة رقم1 يظهر الأنبوب بلون أبيض نظرا لارتفاع درجة حرارته).
يحمل الطاقة الحرارية من الأنبوب إلى الجزء المركزي من المحطة الحرارية (وسط
الصورة رقم2 )
زيت اصطناعي متميز يمكن أن ترتفع درجة حرارته إلى حوالي 400 درجة
مئوية. بالجزء المركزي من المحطة الحرارية تستعمل حرارة الزيت لإنتاج البخار الذي
يدير التربينات البخارية التي تدير بدورها مولد الكهرباء.
اعتبارا
لضرورة توفر بعد أدنى بين الصفوف حتى لا تتواجد المرأيا في ظل بعضها لفترات طويلة
عند الشروق والغروب، فإن
القدرة التي يمكن إنشاءها بالكلم المربع هي حوالي 50 ميجا
واط. بالصورة 3 تقدم
المنظر العام لخمس وحدات تصل قدرة كل منها إلى 30 ميجا
واط بكلفورنيا.
لقد أنشئت بين سنتي 1984 و 1990
تسع وحدات للإنتاج
التجاري للكهرباء تعتمد هذه التقنية بالولايات المتحدة بولاية كلفورنيا (الجدول(1
. وقد تطورت قدرة
الوحدات خلال هذه الفترة من 14 ميجا واط (1984) بالمحطة الأولى إلى 80 ميجا واط بالوحدتين الثامنة
والتاسعة ((1989.
لقد أصاب هذه
التقنية نوع من الركود
مع بداية التسعينات، والآمال معقودة على أن تنطلق هذه التقنية من جديد خلال
السنوات القليلة القادمة. مثلا يدرس المكتب الوطنى للكهرباء إمكانية برمجة
محطة حرارية شمسية خلال السنين القليلة القادمة بقدرة 180 ميجا واط تعمل بالطاقة الشمسة (جزئيا حوالى 7%)
وبالغاز الطبيعي.
محطات الطاقة الشمسية الحرارية للإنتاج المباشر للبخار
مع نهاية القرن الماضي
أجريت تجارب تهدف الخفض من كلفة الإنتاج بالتخلي عن الزيت وإنتاج البخار بأنابيب
استقبال الأشعة الشمسية، وكذلك استبدال المرأيا المقعرة بمستوية تعتمد تقنية
(Fresnel) لتحقيق تركيز الأشعة الشمسية ) الصور4 ،5). بأعلى الصورة 4 يظهر أنبوب امتصاص
الأشعة وإنتاج البخار، وبأسفل الصورة المرأيا المستوية التي تعكس الأشعة الشمسية
في اتجاه أنبوب الامتصاص. أما بالصورة 5 فتظهر خلفية المرأيا مع نظام تحركها حتى تصل الأشعة المنعكسة إلى أنبوب
الامتصاص.
الصورة
6 : محطة توليد الكهرباء الشمسية الثانية بكلفورنيا
صوامع الطاقة الشمسية بالمرايا ذات المركز البؤري
هذه التقنية عبارة عن حقل
مرايا يغطي دائرة أو جزء منها، وصومعة بوسط الدائرة
توجد بقمتها بؤرة حقل المرأيا (الصور6،(7 . هذه التقنية لازالت
في المرحلة التجريبية. وقد وقع بناء عدد من المحطات بدول مختلفة ابتداء من الثمانينات.
وآخر إنشاء هو الشمسية الفانية بالولايات المتحدة ( Solar-Two الصورة 6
). قدرتها 10
ميجا واط وتستعمل خليطا
من الأملاح المنصهرة كحامل للطاقة الحرارية بين جهاز امتصاص الأشعة الموجود بالبؤرة
على رأس الصومعة (يظهر بالصورة ناصع البياض نظرا لارتفاع درجة حرارته) ووحدة توليد
الكهرباء باستعمال التوربينات البخارية بالمحطة الحرارية التقليدية بجانب الصومعة
وسط الحقل ويمكن أن تصل درجة حرارة الحامل الحراري 1000 درجة منوية أو أكنر.
هذه
المحطة أنشئت في الثمانينات
تحت اسم " الشمسية الأولى Solar-One
", أدخلت عليها
سنتي 1997 و 1998
عدد من الإصلاحات
والتحسينات لينطلق العمل بها من جديد صيف 1998 تحت اسم Solar-Two.
و رغم حداثة التقنيتين فإن أغلب مكوناتهما (محطة توليد الكهرباء ، المرايا ، ...) يمكن اعتبارها من المنتجات العادية للصناعة
الحالية. الجزء الجديد ، ومن المؤكد أن أهميته كبيرة، هو وحدة امتصاص الأشعة
الشمسية وتحويلها إلى حرارة ثم شحن هذه الحرارة بحامل ينقلها إلى المحطة الحرارية. هذا
الحامل الذي يقع ضخه بين جهاز الامتصاص والمحطة الحرارية ذهابا وإيابا هو حاليا
بالنسبة للوحدات التجارية للتقنية الأولى زيت صناعي وبالنسبة للمحطة الشمسية الثانية خليط
من أملاح النترات وللمحطة التجريبية بألميريا (الصورة (7 الهواء. والأبحاث جارية من أجل تحسين المردود وتخفيض
كلفة الإنتاج وتطوير حوامل تكون أكثر ملائمة للبيئة.
مجمعات الطاقة الشمسية المرتبطة بمحرك سترلينج ( Dish-Stirling ).
تأخذ هذه التقنية (الصورة 8)، من ناحية قدرة الوحدات، وضعا وسطا بين الوحدات
الكهرضوئية، التي قد لا تتعدى قدرتها جزء من المائة من الواط، والمحطات الشمسية
الحرارية المقدمة، والتي ينتظر أن تصل قدرة الوحدة التجارية منها أزيد من 100
ميجا واط ، فتقنية المجمعات
المرتبطة بمحرث سترلنج تعمل بشكل جيد على المستوى المتوسط بقدرة تصل إلى بضع عشرات
الكيلو واط.
تتكون وحدات هذه التقنية
(الرسم 9 ) من مرآة مقعرة لتركيز
وعكس الأشعة الشمسية وتوجيهها نحو المستقبل الذي يقوم بامتصاصها. هذا المستقبل هو
جزء من محرك سترلينج. يقوم هذا المحرك بتحويل جزء من هذه الحرارة إلى طاقة
ميكانيكية التي يحولها
هي الأخرى مولد يديره المحرك إلى كهرباء. كما تحتوي الوحدة على جزء يمثل المصب الحراري، أي يقوم بالتخلص من
الحرارة غير المستعملة، وهو الذي يظهر بأعلى
الرسم9. تشتمل الوحدة أيضا على
جهازين يعملان على ضمان توجه محور المرآة باستمرار نحو الشمس. الأول يقوم بالحركة
الأفقية والثاني بالحركة الرأسية.
محرك سترلينج
يعتبر محرك سترلينج من أبسط
وأفضل المحركات التي تقوم بتحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية ويتميز
بتواجد منبع الحرارة خارجه. لقد تم اختراعه بداية القرن التاسع عشر (الشكل رقم9)،
وتطور إنتاجه واستعماله
جيدا حتى بداية القرن العشرين. لكن نظرا لكون خصائصه تستجيب بشكل أفضل لمتطلبات
الاستعمال القار(غير المتنقل) بالمقارنة مع استجابتها لخصانص الاستعمال المتنقل، أخذت عنه الأضواء المحركات التي
تستجيب بشكل جيد لهذه الأخيرة. والتي تعمل بالاحتراق الداخلي، وقد أدى التطور الكمي
والتقني السريع لهذه المحركات نهاية القرن
التاسع عشر وخلال النصف الأول من القرن العشرين والمرتبط أساسا بتطور منظومة النقل
الطرقي إلى الإهمال الكامل تقريبا لمحرك سترلنج عند منتصف القرن الماضي. إلا أن
الاهتمام باستعمال الطاقة الشمسية في إطار المجهودات الهادفة إلى تعويض المصادر
الطاقية الاحفورية بالمتجددة للحد من ازدياد ظاهرة الإحتباس الحراري ولتحقيق
التنمية المستدامة، أدى إلى الانطلاق من
جديد في الأبحاث من أجل تطوير هذا المحرث ليتلائم بشكل أفضل مع خصوصيات استعمال
الأشعة الشمسية.
باستعمال التقنيات
المتوفرة، يمكن أن يصل الإنتاج
اليومي للجهاز الذي يظهر بالصورة 8خلال فصل الصيف بمنطقة مشمسة إلى أكثر من 75 كيلوواط ساعة (kWh ). أما خلال يوم مشمس
من فصل الشتاء، فينتظر أن يصل الإنتاج إلى حوالي 50
(kWh).
تتكون محركات سترلينج
في العموم أساسا من اسطوانتين بمكبسين يحددان حجما مغلقا ومتصلا، لكن قابل للتغير. توجد بهذا الحجم كمية محددة من غاز
بلزوجة منخفضة وقدرة توصيل حراري مرتفعة. الغاز الذي يستجيب لهذين الشرطين بشكل متميز هو الهيدروجين
ويليه في
ذلك الهليوم. يحدد موقع المكبسين حجم الغاز داخل الاسطوانتين. الاسطوانتان أحداهما
مرتبطة بمنبع الحرارة ونسميها اسطوانة التسخين، أما الثانية فمرتبطة بمصب الحرارة ونسميها اسطوانة
التبريد. يقدم الرسم10 تخطيطا للمحرك يظهر المراحل الأساسية لعمله.
طريقة عمل محرك سترلينج
بالوضع1
بالرسم10
يكون الغاز المضغوط
البارد موجودا باسطوانة التسخين. ترتفع درجة حرارة الغاز ويرتفع ضغطه. يحرك الغاز
الساخن المرتفع الضغط المكابس (لأنها مرتبطة ببعضها) للسماح بتمدد الغاز (الوضع2). هذه المرحلة من دورة
المحرك هي مرحلة إنتاج الطاقة الحركية. عند وصول حجم الغاز إلى أقصى قيمته، الوضع2 بالرسم10, يستعمل المحرك جزءا من
الطاقة الحركية
التي وقع إنتاجها في المرحلة السابقة، لنقل الغاز من اسطوانة التسخين اسطوانة التبريد،
حيث تنخفض درجة حرارة الغاز وبالتالي ضغطه
(الوضع3 ). يستعمل المحرك جزءا آخر من الطاقة الحركية التي أنتجها في
المرحلة الأولى لضغط الغاز البارد والانتقال من الوضع3 إلى الوضع4. وفي الأخير
يستعمل المحرك جزءا ثالثا من الطاقة المنتجة لنقل الغاز البارد من اسطوانة التبريد
إلى اسطوانة التسخين لإتمام دورة المحرك والوصول من جديد إلى الوضع1 لتحقيق انطلاق
دورة جديدة. الفرق بين الإنتاج في المرحلة الأولى والاستهلاك خلال المراحل الثلاثة
الباقية يمثل إنتاج المحرك.
واقع وآفاق التقية
مما سبق تتضح بساطة تكوين محرك سترلنج بالمقارنة
مع المحركات التي تعمل بالاحتراق الداخلي. إلا أن تكلفة إنتاج هذا المحرك لا زالت
مرتفعة، وهذا راجع إلى كون عدد الوحدات التي يتم إنتاجها سنويا
لا يزال ضعيفا جدا. إلا أن التجربة العالمية توكد فعاليته
ومحدودية حاجياته من الصيانة. وتتفق الدراسات المختلفة على مقدرة هذه التقنية على
المنافسة الاقتصادية حال وصول الإنتاج السنوي أحجاما مناسبة.